يعتبر رئيس الوزراء المستقيل وزعيم حزب (VVD) حالةً خاصّةً في هولندا ،فهذا الرجل إستطاع أن يكسر هيمنة الحزبين الكبيرين (CDA) والحزب الديمقراطي الهولندي على تشكيل الحكومة وكذلك إستطاع كبح جماح اليمين الهولندي المتطرّف ووقف بوجه (خيرت فيلدرز) بكلّ صرامة وأخبره بإنّه لن يكون جزء من حكومة يقودها (Mark Rutte) بإيّ حالٍ من الأحوال وكذلك باقي أحزاب اليمين المتطرّف .
وإستطاع الرجل تشكيل الحكومة لثلاث مرّات متتالية وفي الإنتخابات الأخيرة إستطاع (Rutte) تحقيق الإنتصار وجاء حزبه في المرتبة الأولى على الرغم من فضيحة(بدلات الرعاية ) التي جعلته يتقدّم بإستقالته .
وتشير إستطلاعات الرأي أنّه في حال لم تسر مفاوضات تشكيل الحكومة الجديدة بالشكل المطلوب وتمّ الذهاب إلى إعادة الإنتخابات البرلمانيّة فإنّ رئيس الوزراء المستقيل سيحقّق الفوز من جديد ولن يستطيع أحد من السياسيّين تجاوزه ،فما سرّ العلاقة الوطيدة بين (Mark Rutte) والناخب الهولندي وقد كان هذا هو السؤال الذي طرحته جريدة (نيويورك تايمز) وأجابت عنه من خلال عرض عدد من الحقائق والمقارنات سنعرض جزءاً منها .
الهولنديّون ينظرون إلى (Mark Rutte) على أنّه النموذج الحقيقي للمواطن الهولندي فهو بعيد كلّ البعد عن رفاهيّة رؤساء الحكومات في دول أخرى مجاورة فالرجل لا زال يسكن في شقّة متواضعة إشتراها عندما كان طالباً في مدينة (دنهاخ ) ولا أحد يعرف الكثير عن حياته الشخصيّة فهو يفصل بين الجانبين .
رئيس الوزراء المستقيل من أكثر الأشخاص الذين لديهم شغف بقيادة الدرّاجة ، حتّى عندما ذهب لمقابلة الملك من أجل تقديم إستقالته فإنّ الجميع شاهده وهو يركب درّاجته الهوائيّة وحيداً وأشارت التقارير وقتها أنّ ثمن تلك الدرّاجة يبلغ (1350) يورو إشتراها رئيس الوزراء من متجر في المدينة ،بينما يقود رئيس الوزراء السابق سيّارته الخاصّة من نوع (ٍSAAB) تبلغ سعة محرّكها (1,8) لتر وسرعتها القصوى 200 كم وهي شركة سويديّة أفلست في العام (2011) ويملك رئيس الوزراء هذه السيّارة منذ (14) عام وتقدّر قيمتها الآن (1000) يورو على أحسن تقدير وهو أقلّ من سعر الدرّاجة التي يملكها .
مارك روتّه من الأشخاص الذين يلتزمون بالقانون وبشدّة فهو لم يقم بزيارة والدته في الأسابيع التي سبقت وفاتها بعد أن أعلنت الحكومة منع زيارة المسنّين للحفاظ على سلامتهم، الرجل لم يكن مجرّد من الإنسانيّة فقد سمح له الإطبّاء بالبقاء معها قبل وفاتها لعدّة ساعات وبعد وفاتها عاد الرجل ليرأس إجتماعات الحكومة .
التصرّفات هي من تحكم العلاقة بين رئيس الوزراء والشعب وحصول الرجل على مثل هذه الثقة بالتأكيد لم يكن من فراغ ، فهولندا واجهت اليمين المتطرّف وسمحت للعديد من اللاجئين بالحصول على الإقامة المؤقّتة ثمّ الدائمة وحصل العديد منهم على الجنسيّة الهولنديّة أو في طريقه للحصول عليها وذلك بعكس ما نشاهده في دول تحكمها أحزاب يمينيّة تسيطر عليها فكرة طرد اللاجئين كالدنمارك مثلاً .
الإقتصاد الهولندي هو خامس أكبر إقتصاد أوروبّي وجواز السفر الهولندي يتصدّر بين العشرة الأوائل العديد من المنجزات التي كانت قبل وصول هذا الرجل ولكنّه حافظ عليها وعمل على تطويرها .
(Mark Rutte) كان المدافع الأوّل عن العائلة المالكة عندما ذهب الملك وعائلته في عطلة إلى اليونان في وقتٍ كانت هولندا تفرض نظاماً صارماً وتمنع السفر وقد أدّى هذا الحادث إلى إنخفاض شعبيّة الملك بصورة ملحوظة ورفض رئيس الوزراء وقتها طلباً من البرلمان بمراقبة الميزانيّة الماليّة للعائلة المالكة ومعرفة كيف ينفق الملك أمواله وقال روتّه وقتها (هيبة الملك من هيبة هولندا لن تتمّ محاسبة الملك مادمت رئيساً للحكومة ) قد يكون هناك إختلاف حول الرجل وسياسته ولكنّ بقاءه رئيساً للحكومة أربع مرّات متتالية وحصوله على أكبر عدد من الأصوات في الإنتخابات البرلمانيّة يجعل منه حالةً يصعب تكرارها .
أخبار هولندا