بعد الهدوء النسبي الذي بدء يسود شوارع المدن الهولنديّة يبدو أنّ الحكومة المستقيلة إستطاعت إستيعاب الصدمة التي تعرّضت لها من خلال نزول مجموعات من (مثيري الشغب) في أكثر من خمسة عشر مقاطعةً هولنديّة للمطالبة بإلغاء قرار حظر التجوّل المسائي.
كانت الحكومة تدرك أنّ سحب القرار والتراجع سيشكّل ضربة قاصمة لها حيث من المعروف أنّ الحكومة الهولنديّة تعتمد في إتّخاذ قراراتها فيما يخصّ سياسة مكافحة الإنتشار على فريق الطوارئ(OMT) وهو مجموعة من ثلاثة عشر خبيراً في دراسة الأوبئة وطرق إنتشارها وكذلك تعتمد الحكومة على المعهد الوطني للسلامة العامّة(RIVM) والمكلّف بدراسة الإنتشارفي هولندا وفي حال سحب قرار الحظر ستبدو سياسة الحكومة عبارةً عن قرارات إرتجاليّة دون الإعتماد على دراسات علميّة وطبّية .
لماذا توقّفت أعمال الشغب جاءت التقارير التي أشارت إلى إنخفاض أعداد الإصابات ليوضح للجميع أنّ سياسات الحكومة تعطي ثمارها وكان السبب الأساسي لتوقّف الإضطرابات هو عدم قبولها من الشعب الهولندي الذي إعتبرما يحدث في الشارع هو عبارة عن سلوك إجرامي وليس إحتجاج سياسي شاهدنا مشجّعي أندية كرة القدم ينزلون في مجموعات لحماية المراكز ومساعدة الشرطة كذلك عشرات المتطوّعين الذين كانوا يقومون بأعمال التنظيف في شوارع المدن بينما قامت العديد من العائلات بالإبلاغ عن أبناءها لمشاركتهم في هذه الأعمال ووصل الأمرلقيام أربعةٍ من الأشخاص بتسليم أنفسهم بشكلٍ طوعي بسبب قيامهم بالمشاركة في تلك العمليّات بينما قام العديد من الأشخاص بنشر صور وأسماء المخرّبين في مواقع التواصل
موقف الحكومة من المشاركين في الأحداث منذ البداية أعلنت الحكومة أنّ الأعمال التي يقوم بها (مثيرو الشغب) تندرج ضمن إطار الأعمال الإجراميّة وبالتالي فإنّ هؤلاء سيتلقّون العقاب وفق هذا الإتّهام فقد أعلن وزير العدل الهولندي(غرابرهاوس) " يمكن للمشاغبين الذين تسبّبوا بأضرار تقدّر بعشرات الآلاف من اليوروهات أن ينتظروا فاتورة إصلاحٍ غالية يجب عليهم دفع ثمن كل ما تسبّبوا بتدميرة) وقد أعلنت الكثير من البلديّات أنّها ستقوم بإحصاء الأضرار وتقسيمها على جميع من تثبت مشاركته في الأحداث على إعتبار أنّها أضرار مفتعلة حيث قال وزير تنمية المجتمع (لا يوجد أي عذر للضرر الذي وقع ,هذه ليست إحتجاجات إنّه سلوك إجرامي خطير ) .
دفع الغرامات لن يكون العقاب الوحيد فقد تمّ الحكم على شخص يبلغ من العمر(19) عام بالسجن شهرين بسبب إلقاء الحجارة على حافلةٍ للشرطة في لاهاي وفي أمستردام وبريدا وليمبورخ بدأ المتّهمون بالوقوف أمام القاضي ولم تقتصر التهم على المشاركة بل كان هناك العديد من الأشخاص تمّ إعتقالهم بسبب دورهم التحريضي من خلال منشورات على وسائل التواصل الإجتماعي تدعوا للعنف .
الحكومة الهولنديّة تريد تحديد الجهات التي دعمت المشاغبين يوجد لدى الحكومة الهولنديّة العديد من المعطيات التي تشير إلى نوع من التحريض قامت بعض الأحزاب السياسيّة بممارسته ساعد على إنتشار وتوسّع تلك الأعمال وقد أشارت الأحزاب السياسيّة الهولنديّة بشكلٍ مباشر إلى حزب من أجل الحرّية (PVV) والذي يتزعّمه خيرت فيلدرز المعروف بتوجّهاته اليمينيّة حيث كانت بداية أحداث الشغب في مدينة (أورك) والتي تقع بمقاطعة( فليفولاند) وجاءت بداية الأحداث بعد صدور بيان موقّع بإسم مناصري هذا الحزب في المدينة تعهّدوا من خلاله بمنع تطبيق حظر التجوّل بأيّ وسيلة كانت .
العديد من المشورات التحريضيّة والكتابات على جدران المنازل وصولاً إلى رسم شعارات لمنظّمات متطرّفة ممنوعة في هولندا حيث قالت الحكومة أنّها ستبدأ بملاحقة من قام بالتحريض ولا تستطيع الحكومة الهولنديّة إتّهام أحزاب اليمين مثل (PVV-منتدى الديمقراطيّة) بدون دليل واضح ولكن في حال وصلت الحكومة إلى أشخاص لهم إنتماء فعلي إلى تلك الأحزاب وأعترفوا بتلقّيهم تعليمات من أجل إثارة أعمال الشغب فإنّ الحكومة الهولنديّة لن تتردّد في توجيه ضربة قاضية إلى تلك الأحزاب .
توقيت الإحتجاجات جاء قبل الإنتخابات والغرض التأثير على نتائجها ولا بدّ للحكومة من الأسراع في تطبيق إجراءاتها لتصل قويّة ومتماسكة لتلك الفترة وفي حال ثبت وجود أي دور لعبه حزب سياسي في تلك الأحداث فمن المؤكّد أنّ قرار حلّه لن يتأخّر في الصدور وسيسقط شعبيّاً قبل أن تحظره المحاكم الهولنديّة .
هولندا الأخباريّة